إعلان

كائن "الكيكي" السعيد

كائن "الكيكي" السعيد

د. هشام عطية عبد المقصود
09:01 م الجمعة 27 يوليه 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

يتشابه البشر في السعي بحثًا عن الفرح، مهما اختلفت الألوان والصفات وعلت أو تدنت المراتب الاجتماعية والطبقية، وحيث البهجة ضالة الأرضيين، ولكل قطوفه منها، وتدخلت العولمة ووسائلها الإعلامية وحفيداتها من شبكات التواصل بإتاحة ساحة لعبور الأفكار عبر السماوات والبحار حتى أن السوشي رحمك الله صار في عربات الشوارع في الأحياء المصرية، وما زلنا في انتظار أن يلعب الزهر معنا ونشوف عربات الكبدة والسمين في شوارع مانهاتن ونواصي برشلونة، ثم ها هى الكيكي تتبختر في طريقها إلينا.

وفي الكيكي وتحدياته يكون البشر نوعين اللي كيكي واللي مش كيكي وبينهما يصطف طوابير من الرافضين والمؤيدين، مؤيدو الكيكي يعلنون في حسم يليق بقضايا عظمى أن الكيكي وتحديها ورقصتها أو مشيتها وما يلحقها برسم القلوب أمر شخصي تمامًا وهى لحظات سعادة هى من حق كل شخص، حتى ليكادون يستعيرون ما قاله طه حسين بأنها مثل الماء والهواء، وأن ما سوى ذلك هو من قبيل التحفظات غير المبررة يدفعها ويحفزها – والعياذ بالله - سواد الفكر وظلمة الروح واللي ما يحبش الكيكي يسكت وأصلاً ما يلزموش.

يتمتع رافضو الكيكي بمنطقهم أيضا ويقولون إننا برفضنا لا نحتك بأحد ولا مقلدين مقولة الست تحية كاريوكا في فيلم أم العروسة للمرأة التي كانت طوال الفيلم تصك فمها تعجبًا وسخرية بـ"طؤ" فألهبتها بسياط القول حين تحدثت في النهاية "كله طؤ طؤ.. يعني اتكلمتي دلوقتي"، ويؤكدون أن ما يجري هو سوء سلوك ودلع واستهتار ومن الممكن أن يسبب ضررًا فظيعًا يصيب وكما جملة صفحات الحوادث الشهيرة "الأرواح والممتلكات"، داعين إلى تدخل حكومي وإجراء حاسم.

تبارى مشجعو الكيكي في الاستمرار والتطوير حتى دخلت ساحته طفلات وفتيات صغيرات، وشجعت أو دفعت أو أرغمت – وابنك على ما تعوديه وجوزك على ما تحفظيه – زوجات شابات أزواجهن على مصاحبتهن ومساعدتهن في تحدي الكيكي وإثارة ضحكات مفتعلات رغبة في الانتشار، وهنلاقي كمان جلابيات بلدي كعلامة هوية تدخل بها "فنانات" غائبات عن الناس وذلك في مهرجان الكيكي وبلاويه واللي بيجرى فيه، عودة جديدة وللكيكي كافة حقوق إعادة الضوء، وفي مقابل ذلك سيصر بعض المعقدين والمعقدات – وفق رأى - من الذين يستهويهم تنظير المواقف ومنحها بعدًا فلسفيًا على إبراز الهوية المصرية للكيكي، باستدعاء فيلم غرام في الأقصر لفرقة رضا من دولاب ماسبيرو ويستحضرون مشهد الكاريتات ليؤكدوا أن الكيكي فرعوني ومنقول من حدانا وإنما هو فقط رغبة التقليد والجري ورا عربة الرش الأجنبية.

وسيقوم كل من له صورة قديمة تظهره وهو متشعبط في أتوبيس أو بيجري ورا تريسكل الفول أو اللبن ليقدم نفسه كيكيًا قديمًا ولسانهم يقول كيكي ده ولا مش كيكي.
سيذهلك أن أكبر لاعب في كأس العالم قد شارك في تحدي الكيكي وستشاهده بعدها في إعلان البنادول على الشاشة وتحاول فهم السبب، أما صانعة صرعته ومفتتحة جولته المصرية والتي بدأت تحدي الكيكي فقد انتهى منها المتربصون بها بوصف لها كما الليل في قصيدة امرئ القيس – وفي رأسهم دوائر صوت عمرو دياب تدور غلا– وجميعهم من الفتيات والسيدات ما تعرفوش ليه؟!.

كل ده وسط حر يوليو المريع الفظيع اللي مبقاش ينفع معاه وأنت في الشارع "حاجة ساقعة تلج زيادة" القصة بقت محتاجة لوح تلج كامل لكل واحد يمشى بيه ليقاوم الحر والبشر عالية اللزاجة مفرزة الرطوبة وروائحها جسدا وروحا، سيدهشك إن في عز الحر ده ذات نفسه من سنين بعيدة جلس الفنان محمد الموجي في جزيرة الشاي ومعه حبيبته وهو يدخن سيجارته ويغنى: فنجان شاي مع سيجارتين ما بين العصر والمغرب.
وعلى رأي الشاعر الكيكي إننا وكأننا، أي إننا صرنا هكذا وكأننا لم نكن كذلك ومن غير ليه، ثم على رأي مغنٍ شعبي في الثمانينيات كان صوته مسيطرًا على كل كاسيتات المحروسة ميكروباصًا ونقلاً عامًا ومقاهى وشوارع وكان الجو أيضًا صيفًا ليغني "الفجر شقشق شقاشيقو" فتردد من خلفه فتاة كورال في دلال مقصود "شقاشيقووو".

إعلان

إعلان

إعلان