- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
- أحمد سعيد
- محمد لطفي
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
يذكر لنا الأستاذ أحمد حسن الزيات أن السبب وراء اختفاء كتاب "العراق كما عرفته" هو الخادمة. يقول: "ذلك أخذت الكتاب ذات يوم من درج المكتب لأختار منه فصلًا للرسالة. ثم جلست في البهو على كنبة بعثرت فوقها وأمامها تجارب المجلة وأصول المقالات. فاخترت من المخصوص قطعة أدبية، ثم ألقيته إلى جانبي، وأخذت أصحح الملازم أرضًا، حتى فرغت من ملزمتين، فدفعتها إلى غلام المطبعة. وخرجت من البهو، لأترك هذا الورق المهمل لخادمة البيت تكنسه من هنا ومن هنا، ثم تطرحه على عادتها كل يوم في صندوق الكناسة، ويأتي الزبال فيأخذ ما تجمع في الصندوق ويحمله على عادته كل يوم في زنبيله إلى المستوقد. وهكذا قضى الله أن تذهب إلى العدم خلاصة العمر وعصارة الفكر، في فترة ضائعة من فترات الغفلة".
وفي سنة 1932م، عاد الزيات إلى القاهرة ووجد طه حسين قد فُصِلَ من الجامعة ولطفي السيد قد استقال لهذا الفصل. ولم يكن من المعقول أن يعود إلى الجامعة الأمريكية التي تركها على الرغم منها. وأغلقت الأبواب أمامه فلم ير غير طريق الرسالة، وبرغم تحذير الأصدقاء وبعده هو شخصيًا عن المغامرة سلك الزيات هذا الطريق الذي قاده إلى أوسع أبواب الصحافة.
ولقد تقلد الزيات عددًا من المناصب والوظائف المرموقة. إضافة إلى ما ذكرناه سابقًا، شغل الزيات عضوية المجمع اللغوي في سنة 1948م، ثم شغل منصب رئيس تحرير مجلة الرسالة من 1933 إلى 1953م – وهو ما سَنُفَصِلَ الحديث عنه لاحقًا، فهي إحدى محطات الزيات الهامة في حياته – وعضو لجنة النشر بالمجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، ومدير ورئيس تحرير لمجلة الأزهر سنة 1953م ثم استقال منها، وعاد إليها في فبراير سنة 1959م، وعضو في المجمع العلمي العربي بدمشق، وعضو في المجمع العراقي – بغداد، وعضو في لجنة التأليف والترجمة والنشر، وعضو في لجنة وضع كتاب تاريخ الأمة العربية، فقد كلفته وزارة التربية والتعليم بوضع التاريخ الأدبي للعصر العباسي الثاني والثالث، أي تاريخ العرب في بغداد والقاهرة وقرطبة في 200 سنة.
يقول الزيات: "في ذات عشية من عشايا نوفمبر من سنة 1933م زرت أخي الدكتور طه حسين في داره بالزمالك، وكنت منذ أربعة أشهر قد رجعت من العراق بعد ما أغلقت دار المعلمين العليا ببغداد، وكان هو قد أنزل من كرسيه في كلية الآداب من جامعة فؤاد الأول، فقلت له بعد حديث شهي من أحاديث الذكرى والأمل: ما رأيك في أن نصدر معًا مجلة أسبوعية للأدب الرفيع؟ فضحك ضحكته التي تبتدئ بابتسامة عريضة، ثم تنتهي بقهقهة طويلة، وقال: وهل تظنك واجدًا لمجلة الأدب الرفيع قراء في مجتمع ثقافة خاصته أوروبية وعقلية عامته أمية، والمذبذبون بين ذلك لا يقرأون – إذا قرأوا – إلا المقالة الخفيفة والقصة الخليعة والنكتة المضحكة؟
فقلت له: لعل من بين هؤلاء وهؤلاء طبقة وسطًا تطلب الجد فلا تجده، وتشتهي النافع فلا تناله. وبعد نقاش طويل بينهم رد طه حسين قائلًا: "أنت وشأنك".. أما شأني فهو المقال الذي أكتبه، والرأي الذي أراه... ثم تغلب العزم المصمم على التردد الخوار فصدرت الرسالة".
وكانت مجلة الرسالة أكبر مجلة أدبية تعني بشؤون الأدب والأدباء، ودارت على صفحتها رحى المعارك الأدبية، وهذا مما ساعد الزيات على كثرة إنتاجه من فن المقال من حيث الكم والكيف، وهو من أفضل الأنواع الأدبية لديه، فقد شملت مقالات وصفية ومقالات اجتماعية نقدية وغيرها، بل طرق كل أنواع المقال، ومقالاته تعدُّ قطعة أدبية خالصة، من حيث طابعها الفني وطريقة أدائها.
أما عن تسمية مجلة الرسالة بهذا الاسم. يقول الزيات: "إن فكرة التسمية راودتني من معنى الرسالة المحمدية الخالدة، وإنه اتخذ التسمية لتكون أسلوبًا ومنهجًا وغاية". أراد أن تكون مجلة الرسالة قوية ينشر فيها كل وطني كاتبًا أو شاعرًا دون حسيب أو رقيب، أو حتى تتساقط بجانبها كل صحف ومجلات التبجيل الموجودة يومئذ.
وكانت الرسالة هي منبر الزيات الذي دافع من خلالها عن الوطن، وقد تأثر بالسياسة واستوعب قضاياها المختلفة وقد كان له فها آراء ووجهات نظر، ودعا إلى التمسك بالقيم الأخلاقية ومقاومة الاحتلال في داخل المجتمع المصري. فقد دعا إلى الجهاد بقوله: "تسألني متى يؤدي المسلم فريضة الجهاد إذا لم يؤدها اليوم؟... إن المسلم المؤمن لا يزال على ذكر من أدن دينه قرآن وسيف، وتاريخه فتح وحضارة، وشرعه دين ودنيا، وحربه جهاد وشهادة وحكومته خلافة وقيادة، فهو مجاهد أبدًا، لا ينفك عنه الجهاد أصغره وأكبره...".
وقد أرتقى بالمقالة حتى أمست واضحة لها دلالتها الدقيقة المحددة الأبعاد، تنمى القومية وتغرس الوطنية، وتربي الكرامة وتعمق مفاهيم العروبة، وهو في ذلك يشبه الرافعي والعقاد في انتهاج هذا الطريق. ولم تترك الرسالة بلدًا عربيًا إلا دخلته دخول المرموق يعامل بالإعزاز. حتى لقد كان السوريون يسمون يوم الثلاثاء الذي كانت الرسالة تصل إليهم في يوم الرسالة ولا يقول قائلهم يوم الثلاثاء.
ومجلة الرسالة ظلت أكثر من ربع قرن تحمل رسالة الفكر العربي، أنشأت أدبًا، وكانت مدرسة حقيقية ربت جيلًا وثقفت وعملت، ولقد دارت على صفحتها معارك أدبية خصبة، فقد شهدت الرسالة مولد توفيق الحكيم بتشجيع من الدكتور طه حسين، حيث نشرت له الرسالة "أهل الكهف" والتي كتب عنها الدكتور طه حسين ووصفها بأنها فتحت بابًا جديدًا في الأدب العربي.
ويكفي أن تعلم عزيزي القارئ، أن الفصول الأولى من كتاب "على هامش السيرة" للدكتور طه حسين قبل أن تُجمع في كتاب. وبه أصبحت مجلة الرسالة مهوى النفوس، ومشتهى القلوب في ربوع العربية وديار الإسلام. ولقد كتب فيها معظم أئمة الأدب والفكر في العالم العربي، ومنهم "الدكتور طه حسين وعباس محمود العقاد وتوفيق الحكيم وزكي مبارك وأحمد أمين وجبران خليل جبران وإيليا أبو ماضي وسهير القلماوي". لدرجة أنه من العسير تحديد كل كُتّاب الرسالة؛ فقد كتب بها من حمل القلم، سواء أكان من الأدباء أم من جاهد الظلم والاستعمار، بل إن الرسالة فتحت بابها لكل مبتدئ في الأدب.
وفي صباح يوم الأربعاء الموافق الثاني عشر من مايو لسنة 1968م، رحل الزيات عن عالمنا وسيظل علمًا من أعلام الفكر، ورائدًا من رواد الإصلاح، واسع الشهرة والثقافة، وناقدًا أدبيًا صنعه زمنه وكونته تجاربه، فهو ابن مصر والأزهر والجامعة، عاشق العراق، رافض للمنهجية المتبعة، جمع بين القديم والحديث والمزاوجة بينهما.
فكان ذو أسلوب كتابي ممتع يمتاز بالسلاسة، والجزالة، والدقة، والسهولة. ألم بالأدب وتاريخه ونقده، وتفرد برؤية نقدية وأدبية وثقافة ممتازة، وهو علم من شوامخ أعلام الأدب العربي في العصر الحديث، وصاحب مدرسة ما زال ينهل من معانيها العذب المتأدبون. ولهذا استحق أن نلقبه بصاحب القلم الذهبي، فهو أول من كتب عن البلاغة وجمودها.