إعلان

نقابة الصحفيين حدوتة مصرية

النائب أسامة شرشر

نقابة الصحفيين حدوتة مصرية

07:00 م الأربعاء 30 أبريل 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

نعيش في سنوات الغبار الصحفي والمفردات الدخيلة وقذائف الشائعات من كل الاتجاهات لخلق حالة من الفوضى الصحفية الخلاقة وتبادل الطلقات والاتهامات لتشويه المشهد الصحفي المصري والجماعة الصحفية.

فالبعض يريد العودة إلى مراحل الظلام والظلمات التي حاولت صنعها الجماعات الظلامية لخطف صاحبة الجلالة إلى نفق مسدود بعد أن كادت تخطف الوطن في لحظة فارقة من تاريخ مصر، ولكن الشعب المصري كان لهم بالمرصاد، ووقف ضد هذه المشاريع الظلامية بإسقاطه الأقنعة عن أخطر تنظيم في تاريخ البشرية، لأنه أراد من خلال الدعوة التسلل للمناطق المحرمة عن طريق الاغتيالات والجناح الخاص والعام، ونشر الأفكار الظلامية، حتى شبّه مرشدهم الصحفيين المصريين بأنهم سحرة فرعون وهو لا يدرك أن صاحبة الجلالة تسقط الأقنعة عن المدعين الجدد وتنقل صورة حقيقية عن الأحداث، وهى خط الدفاع الأول عن حدود الوطن وهوية وذاكرة المواطن الصحفية والثقافية.

فماذا نحن فاعلون بهذا الإرث الصحفي عبر الأجيال، الذي تسلمناه من رموز صحفية عبرت بمواقفها وثوابتها ووعيها عن المبادئ والقيم وأخلاقيات المهنة؟

أردت أن أنقل هذه المعاني وأحذر من أن الصدام الجاري لأول مرة في تاريخ نقابة الصحفيين سيصل بنا إلى شكل مرفوض بين الجماعة الصحفية التي باتت قاب قوسين أو أدنى من التشابك بالألفاظ.. وأخشى أن تصل الأمور إلى أبعد من ذلك.

فأخطر شيء أن يتحول العمل النقابي إلى معركة من خلال اتجاهات وتيارات وأشخاص يسيئون للمهنة، بينما منصات السوشيال ميديا تهدم هذا الصرح والمعبد الذى توارثته الأجيال تلو الأجيال على مدار أكثر من 80 عامًا، وكل ذلك للتهافت على مقعد المفترض أن يعبر عن الصحفيين، ولكنه بهذه الطريقة تحول إلى سبة في جبين الصحفيين الحقيقيين الذين كان اختلاف الرأي والأفكار بينهم هو القاعدة، أما ما يحدث الآن فهو أننا أصبحنا نعيش في زمن اللا معقول على كل المستويات.

نحن على بعد ساعات من أطول وأخطر انتخابات في تاريخ نقابة الصحفيين، وهذه المرة تغيرت الأدوات وأصبحت هناك هجمات إلكترونية لا تسيء للصحفيين فحسب، ولكنها تسيء إلى صاحبة الجلالة نفسها.

وكما تعلمنا من أساتذتنا وشيوخنا الأجلاء فإن مدرسة الأدب الصحفي أفضل بكثير من مدرسة قلة الأدب الصحفي، وشتان بين هذا وذاك، فانتخابات نقابة الصحفيين هذه المرة مختلفة عن كل المرات السابقة، لسبب ما في نفس يعقوب، ولا أدرى من يستفيد من أن يتحول شعار الصحفيين إلى الانقسام ثم الانقسام؟ ومن يكسب من ادعاء بطولات وهمية وخدمات غير حقيقية بينما مهنة الصحافة تنزلق إلى طريق مسدود؟

نحن لا نعطى دروسًا ولا عظات ولا ندعى المثالية، ولكننا ندق ناقوس الخطر للجميع، عسى أن يتحول يوم 2 مايو القادم إلى مشهد صحفي مصري خالص ينم عن قيم الجماعة الصحفية التي كان من بينها العقاد ونجيب محفوظ والبابا شنودة ومحمد حسنين هيكل وكامل زهيرى وأمينة شفيق وإبراهيم نافع وصلاح عيسى ومكرم محمد أحمد وموسى صبري وإبراهيم سعده، وغيرهم الكثير والكثير، قد نختلف أو نتفق مع بعضهم في الأفكار، ولكنهم كانوا رجال دولة ومسئولين في أصعب وأحلك اللحظات التي مرت بها صاحبة الجلالة عبر تاريخها.

نريد نقابة لكل الصحفيين تعمل بشكل مؤسسي لا فردى، تضخ الخدمات لأعضائها من خلال بيئة معلوماتية حقيقية، وتتحرك في إطار قانون طال الزمن دون اعتماده وهو قانون حرية تداول المعلومات، مع تدريب حقيقي على كل أدوات المهنة الإلكترونية الحديثة، وحد أدنى من أجور تمثل نوعًا من الحماية الاجتماعية للصحفي وأسرته، بعيدًا عن لغة التسول والرشاوى الانتخابية والخدمات الوهمية التي يتاجر بها البعض، لتحقيق مكاسب ضيقة واحتكار لانتخابات النقابة كل مرة.

ولذلك أناشد الجماعة الصحفية أننا أمام مفترق طرق، نكون أو لا نكون أمام متغيرات تتبدل كل يوم وكل ساعة، صحيح أن الذكاء الإنساني هو الأبقى، ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار الذكاء الاصطناعي ذا التأثير الكبير على مهنة الصحافة ومستقبلها.

لا بد أن نعبر هذه المرحلة حتى نقدم نموذجًا حقيقيًا للمجتمع المصري والعربي يبنى عليه، ولا يبنى ضده، حتى لا يحدث نوع من الزلازل والبراكين والفتنة الصحفية التي تخلعنا من جذورنا الحقيقية، فلأن مهنتنا مهنة المتاعب، لا بد أن ننتبه إلى الشياطين الجدد الذين يريدون تشويه صاحبة الجلالة والصحفيين المصريين الحقيقيين وما أكثرهم، ولا بد أن نسقط كل المشاريع التي تريد أن تخلق فجوة بين الصحفي والقارئ، وإذا لم يحدث ذلك فإن الخاسر الوحيد هو الصحفي، والمردود السلبي الأكبر سيعود على المواطن المصري.

إذا كنا فعلًا دعاة تنوير ووعي وعلم ومعرفة ونمثل حقًّا ضمير الوطن وصوت المواطن، فلا يمكن أن يُغتال الوطن وصاحبة الجلالة تحت شعارات براقة، ولا يجب أن تتحول النقابة إلى ساحة للأيديولوجيات السياسية ومعاركها، فالعمل النقابي عمل مهني وخدمي وتطوعي.

هل نحن نمثل ضوءًا حقيقيًّا للمواطن المصري؟ كيف ذلك وفى نفس الوقت تسود انتخاباتنا شائعات واتهامات وأكاذيب؟ أعتقد أن فاقد الشيء لا يعطيه، فهذا شيء خطير جدًّا أن ينسى بعض الصحفيين التاريخ المهني والأخلاقي للنقابة، وستحاسبهم الأجيال القادمة على الفتن والانقسامات والاتهامات، فنحن أكبر من هذا المستنقع الذى وقع فيه آخرون.

كفانا كلامًا.. نريد أن تكون هناك جلسات استماع وورش عمل للإنصات إلى شباب الصحفيين وحكماء المهنة ورموزها معًا، حتى تبقى نقابة الصحفيين بيتًا لكل صحفي وملجأ وملاذًا لكل فكر حقيقي.. فالحقيقة هي الباقية، والمضللون والمدعون الجدد إلى زوال.

فيا صحفيي مصر، توحدوا وتسلحوا بالقيم والأفكار والمعرفة والمحتوى الحقيقي، بعيدًا عن لغة الانقسام والاتهامات والشتائم وبث روح الفرقة والفتنة في نقابة كانت دائمًا وأبدًا تشكل الرأي العام على مدار الأيام.

انتبهوا يا معشر الصحفيين فالتاريخ سيحاسبنا جميعًا، ونحن منحازون دائمًا للحقيقة والشعب والوطن، ونقابة الصحفيين كانت وستبقى دائمًا (حدوتة مصرية)، وهذه كلمة حق في زمن أبواق الباطل.

لن تكون نقابة الصحفيين وحيدة مهما حدث، بل ستبقى وستظل عبر الأيام والأجيال، منارة للحريات، وضميرًا للأحرار، وصوتًا للمظلومين والمقهورين ونبضًا ودرعًا ضد الغزاة وأعداء الوطن على كل الجبهات والحدود.

وعجبي

إعلان

إعلان