إعلان

إيران الضعيفة مازالت قادرة على الإضرار باقتصاد العالم

03:03 م الخميس 19 سبتمبر 2019

علم ايران

واشنطن - (د ب أ):

نجحت استراتيجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي حملت عنوان "الضغط القصوي" على إيران، في إضعاف الاقتصاد الإيراني، لكنها في الوقت نفسه، جعلت إيران أخطر ودفعتها إلى الرد بضربات غير تقليدية، وبطرق يصعب التصدي لها، في الوقت الذي يرفض فيه قادة طهران العودة إلى مائدة التفاوض وظهرهم إلى الحائط، كما كان ترامب يأمل.

ومنذ أن أعلن ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015، الذي كان يستهدف الحد من طموحات إيران العسكرية ومنعها من امتلاك سلاح نووي، تلوح إيران وعملاؤها بقدرتهم على أن يعيثوا فسادا في المنطقة . فقد صادرت إيران ناقلات نفط، وتعرضت لطرق شحن النفط وشنت هجمات متكررة بالطائرات المسيرة والصواريخ على عدوتها اللدودة السعودية، لكن الهجوم الأخير الذي تعرضت له أكبر مصفاة نفط في العالم في شرق السعودية يوم 14 سبتمبر الحالي، والذي اعتبر الكثيرون أن المسؤول عنه هو إيران التى أنكرت ذلك، أثار موجة من الفزع في أسواق النفط العالمية، وهو ما دفع الأسعار إلى تسجيل ارتفاع قياسي يوم الاثنين الماضي.

وقد أظهر هجوم الطائرات المسيرة الأخير، أن هذه الطائرات رخيصة الثمن، منخفضة التكنولوجيا أصبحت تمثل سلاح ردع لا يقل عن المقاتلات النفاثة باهظة الثمن.

وذكرت وكالة بلومبرج للأنباء أنه رغم تراجع أسعار النفط فيما بعد، فإن الهجوم مازال يؤثر على أسواق النفط العالمية من طوكيو إلى نيويورك، بسبب الخوف من اضطراب الإمدادات العالمية نتيجة التوترات الجيوسياسية في منطقة الخليج.

وأضافت بلومبرج أن الوضع الراهن يدل على أن إيران الضعيفة أصبحت في موقف تفاوضي أفضل من ذي قبل، حيث أصبحت قادرة على اتخاذ الاقتصاد العالمي كله رهينة إذا ما تعرضت لهجوم واسع بقيادة الرئيس ترامب.

لذلك تحاول الدول الرافضة للصراع في أووبا وآسيا إبعاد إيران عن حافة الهاوية من خلال منحها تسهيلات مالية واقتصادية لتخفيف حدة آثار العقوبات الاقتصادية التي أعادت أمريكا فرضها عليها بعد الانسحاب من الاتفاق النووي. كما أن بعض الدول التي كانت تشجع على المواجهة العسكرية مع إيران، مثل الإمارات العربية المتحدة بدأت تعيد النظر في هذا الموقف خوفا من تداعيات الحرب.

يقول توماس جانو الأستاذ في كلية الدراسات العليا في الشؤون العامة والدولية بجامعة أوتاوا الكندية "هذا يظهر طريقة إيران في ممارسة الردع.. المبدأ الرئيسي في استراتيجية إيران الدفاعية، حاليا هو مواصلة توجيه رسائل وتذكيرات للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين وشركائها الدوليين مفادها أنها تمتلك الوسائل اللازمة لإيذائهم. الاقتصاد العالمي في وضع هش. وبتوجيه هذه الإشارة القوية تقول إيران للجميع إن أي حرب ستكون مكلفة للغاية" بالنسبة للاقتصاد العالمي ككل.

الهجوم على أكبر مصفاة نفط في العالم أدى إلى خفض إنتاج السعودية من الخام بمقدار النصف تقريبا، وأوقف تدفق نحو 5% من إجمالي الإمدادات العالمية. كما أكد هذا الهجوم العائد الكبير للاستثمار الإيراني في تطوير الحرب غير المتماثلة . ففي حين تنفق السعودية أموالها في شراء أسلحة تقليدية حتى أصبحت ثالث أكبر مشتر للأسلحة في العالم بعد الولايات المتحدة والصين، استثمرت إيران في تشكيلات مسلحة موالية لها في اليمن وسوريا والعراق وغيرها.

وبدأ الاستثمار الإيراني في هذا السياق يؤتي ثماره، حيث صارت دولة تمتلك نفوذا خارجيا مهيمنا . فإيران لديها عملاء مسلحون في سورية ولبنان ومن خلالهم تلعب دورا مؤثرا في سياسات هاتين الدولتين ، وهو ما يمثل تهديدا لدول الجوار مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل.

ويثير اليمن حاليا القلق من اشتعال حرب شاملة في شبه الجزيرة العربية والخليج، على خلفية الصراع الدائر فيه على النفوذ بين السعودية وإيران. وقد دخلت الأزمة اليمنية مرحلة خطيرة في 2015 عندما استولى الحوثيون الموالون لإيران على قصر الرئاسة في العاصمة صنعاء وأعلنوا تشكيل حكومة جديدة. وردت السعودية بتشكيل ما يسمى بتحالف دعم الشرعية لمساندة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي. وبدت الأمور وكأنها تتجه إلى حرب مباشرة بين إيران والسعودية.

ومنذ بداية القتال، هدد الحوثيون بالرد على التدخل العسكري السعودي في اليمن، بمهاجمة أراضي المملكة. وأعلن الحوثيون مسئوليتهم عن هجوم 14 سبتمبر على المنشآت النفطية في السعودية. وهناك سيناريوهات أخرى بشأن الهجوم منها القول إن الطائرات المسيرة والصواريخ انطلقت من جنوب العراق حيث توجد مليشيات موالية لإيران أو من داخل الأراضي الإيرانية نفسها.

ورفض وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إدعاء الحوثيين المسؤولية عن الهجوم واتهم إيران بالمسؤولية المباشرة عنه.

من ناحيته قال إيملي هوثورن خبير شئون الشرق الأوسط، في شركة الاستشارات وتقييم المخاطر سترافور إنتربرايز بمدينة اوستن الأمريكية إن "استراتيجية إيران لاستخدام الحروب بالوكالة منحها القدرة على إنكار المسؤولية عن أي أعمال، وتجنب أي ردود انتقامية عليها".

وأضاف "قد تكون إيران المثقلة بالعقوبات الأمريكية، مضطرة إلى الدفع في اتجاه الحرب بوصف ذلك السبيل الوحيد لنزع فتيل التصعيد".

وذكرت بلومبرج أنه من الصعب الحديث عن مدى التداعيات الاقتصادية للهجمات على المنشآت السعودية قبل معرفة الفترة الزمنية اللازمة لإصلاح الأضرار الناجمة عنها. وكانت شركة النفط السعودية أرامكو قد تعهدت لعملائها باستمرار توريد الخام من خلال الاعتماد على المخزون لديها، وقالت إنها ستستأنف الإنتاج وفق المعدلات الطبيعية بنهاية سبتمبر الحالي.

ولكن حتى إذا عاد الإنتاج إلى معدلاته الطبيعية ، فإن تأثير الهجمات على الأسواق قد يستمر بعد أن كشف الهجوم عن انكشاف قطاع النفط السعودي أمام أي هجمات من الخارج.

وتقول بلومبرج إن ارتفاع أسعار النفط نتيجة اضطراب الإمدادات هو أسوأ سيناريوهات السوق، لأن ارتفاع الأسعار نتيجة زيادة الطلب يمكن السيطرة عليه من خلال رفع أسعار الفائدة وبالتالي الحد من الطلب، أما الارتفاع الناتج عن اضطراب الإمدادات كما حدث بعد هجومًا 14 سبتمبر، فيصعب التعامل معه. فارتفاع الأسعار سيؤدي إلى سحب المزيد من الأموال من جيوب المستهلكين الذين يعانون بالفعل، وبالتالي فإن زيادة أسعار الفائدة لن يؤدي إلا إلى زيادة الأمور سوءا. مثل هذا السيناريو سيتيح لإيران نقل جزء من الآلام التي تعانيها نتيجة العقوبات الأمريكية، إلى الدول الأخرى.

مرة أخرى، يؤكد الخبراء أن ضغوط ترامب على إيران كبدت طهران بالفعل ثمنا اقتصاديا باهظا بعد أن انخفضت قيمة الريال الإيراني بأكثر من 70% وتراجعت صادرات إيران النفطية بشدة. في الوقت نفسه فإن هذه العقوبات جعلت إيران أشد خطورة بعد أن لجأت إلى أدواتها غير التقليدية التي استثمرت فيها على مدى سنوات للرد على أعدائها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان