بنماذج الطائرات الحربية.. "سيد" يؤرخ لحرب أكتوبر

كتبت- دعاء الفولي:

دائما ما أحب سيد فؤاد حكايات والده عن حرب أكتوبر؛ كيف تم إعداده ليقاتل في سلاح الطيران، وكيف حققوا النصر عقب ست أعوام من النكسة، سمع سيد أنواع الطائرات المختلفة، حفظ أسمائها تماما "خاصة الطيارة الميج 21 اللي والدي خدم عليها"، لذا ما إن واتته الفرصة ليعكس شغفه لم يجد أفضل من تركيب النماذج المصغرة.

مازال سيد يتذكر طائرة ميج 21 الأولى التي صنعها حينما كان في الخامسة عشر من عُمره، وقتها قرأ كثيرا عن النماذج المصغرة وقرر التنفيذ "خدت جزء من الكمبيوتر بتاعي في البيت.. قطعته واشتغلت على أجزاء منه عشان أعمل الطيارة"، يضحك صاحب الثلاثة وثلاثين عاما مسترجعا ردود فعل والديه "اتخضوا من اللي عملته بس دعموني عشان أنمّي الهواية".

درس سيد علوم الحاسب الآلي ويعمل حاليا في مجال شبكات المحمول "الشغل على النماذج موهبة زي الرسم أو النحت"، ينزعج الشاب من ردود فعل البعض تجاه هوايته "بيقولولنا إنتوا بتشتروا القطع وتلزقوها"، فما يكون منه سوى شرح مدى صعوبة الأمر "القطع بتتباع برة مصر صغيرة جدا ممكن يبقوا مئات القطع واحنا بنشتغل على ألوانها وبنذاكر القطعة كويس".

لا يقتصر الأمر على الألوان فقط "درجاتها بتفرق.. الألوان بتبقى بالأرقام لو رقم اختلف ممكن طراز الطيارة يتغير"، يعكف الشاب على الطائرة الواحدة عدة أشهر "وممكن تخلص في شهر لو اشتغلت عليها كل يوم"، ليس له طقوس خلال العمل سوى "إنه لازم يكون بليل عشان أركز كويس"، ينسى سيد ما حوله حين يندمج في التركيب "بنرمي الهموم ورانا في الشوية دول".

يستخدم سيد خامات عديدة في العمل، يعاني كمحبي النماذج المصغرة من عدم توافر الخامات في مصر بصورة دائمة، يستورد القطع من الخارج بأسعار مرتفعة، تبدأ من 500 جنيها وقد تصل إلى 10 آلاف جنيها "حسب شكل الطيارة وحجمها ومحتاجة إيه"، تلك التكلفة تجعل سيد يبيع بعض القطع التي يصنعها "ساعات بيبقى البيت عندي اتزحم وعايز أعمل حاجات جديدة" وفي أحيان أخرى يطلب منه شخص عمل طراز معين "بس ده بالمزاج يعني الموضوع معايا مش تجاري".

داخل قاعة آدم حنين بالأوبرا كان سيد يُعدل وضعية بعض الطائرات الخاصة به، يُشير لواحدة من الطراز السعودي "أخدت خمس شهور شغل"، يتحدث لأحد زائري المعرض الذي يُنظمه مجموعة من المهتمين بالنماذج المصغرة، عن التأريخ الزمني لأعماله، مضيفا "أهديت مجموعة طيارات لبانوراما حرب أكتوبر".

لطالما تمنّى سيد أن تنضم أعماله للمتاحف العسكرية، لذا وقبل رمضان الماضي عرض الفكرة على إدارة البانوراما "وافقوا ونفذت لهم معركة الطيارات المصرية في 15 أكتوبر 73"، أهدى الشاب النماذج للبانوراما وعايش بنفسه انبهار الزائرين بها.

صنع سيد بعض الطائرات من الصفر، حصل على الخامة من مصر "وفيه أشكال من الجبس بيتصب فيها البلاستيك وبتعمل أي شكل بنحتاجه"، لكنه ينتظر أن تتواجد مصانع خاصة بتلك القطع في مصر "الموضوع مش مجرد هواية.. ينفع نستخدمها في عمل المتاحف وينفع في صناعة السينما.. الموضوع متشعب بس عايز ناس بتحبه".