- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
- أحمد سعيد
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
استرداد أرض الدولة واجب، لكن مراعاتها لشعبها أكثر وجوبا، وإلا صار هذا الاسترداد لصالح السلطة أو القلة التي تحكم، ولمآرب أخرى، قد لا يكون لها أدنى علاقة بالمصلحة العامة. وهيبة الدولة لا يصنعها البطش، إنما العدل والحكمة والإقناع.
إن تعريف الدولة في قواميس العلوم السياسية والقانونية ومعاجمها يقول لنا إنها : أرض وشعب وحكومة ووظيفة، ولذا لا تقوم الدولة في أرض بلا شعب، ولأن الإنسان أولا، بالعقل والمنطق والدين والقانون والأخلاق فإن الأرض مسخرة له، بشرط ألا يعتدي على حقوق الغير. والحكومة عليها أن توظف الأرض في خدمة الشعب، وتعمل على قيام الدولة بدورها أو وظيفتها.
لهذا على الدولة أن تتصرف بحكمة وهي تسترد الأرض، وتضع في اعتبارها أمرين: أن تتصرف بما يحقق مصلحة الناس، وألا تتجاوز القانون، وأن تعوض من يستحق التعويض، وتحاكم من تسبب في صناعة العشوائيات في كل مكان، وتسترد أمواله التي حصلها من بنوا بيوتا أو أخذوا أرضا. وقبل كل هذا أن تتحاور مع الناس وتقنعهم وتفهمهم ما تنوي الإقدام عليه، وتبذل في هذا كل جهد مستطاع.
وعلى الدولة أيضا أن تعترف بخطئها في كل ما جرى، فمن الذي منح التراخيص لهؤلاء السكان لتوصيل المياه والكهرباء إلى بيوتهم؟
... إنها الدولة.
ومن سجل عقودا بالملكية لقاطني هذه الأرض ومستصلحيها؟
.. إنها الدولة.
ومن ترك الناس كل هذه السنين حتى زاد عددهم إلى درجة أن يصبح سكان جزيرة الوراق نحو تسعين ألف، وهم على كل حال يقتربون من نصف سكان دولة قطر من المواطنين؟
... إنها الدولة.
والدولة التي فعلت كل هذا هي بالأساس "المحليات" أو "الإدارة المحلية" والتي يتولى أغلبها أشخاص من المؤسسات العميقة للدولة من الجيش والشرطة ومن بعدهما المؤسسات العدلية.
لقد نسيت الدولة كل هذا، وذهبت بجحافل جرارة إلى جزيرة الوراق، دون سابق إنذار لأهلها أو حوار معهم لتتوقف وتتبين كل حالة على حدة، فوقعت اشتباكات، كما رأينا، سقط فيها قتيلان من الأهالي، وجرح ثلاثون من الشرطة بين ضباط وأفراد، فصارت قضية، نظرتها النيابة العامة، وقررت حبس 9 من الأهالي 15 يوما ووجهت لهم تهم مقاومة السلطات.
وفي ركاب هذا وجدنا أنفسنا بين روايتين:
الأولى للحكومة تقول فيها إنها تخطط لتنمية وتطوير الجزيرة، التي تعتبر الأبرز من بين 144 جزيرة نيلية في مصر. وهنا يقول اللواء علاء الهراس، نائب محافظ الجيزة: "إن جزيرة الوراق محمية طبيعية، وأتحدى أى شخص أن يكون معه رخصة بناء.. ووزارة الرى أرسلت إنذارات للأهالى قبل ذلك، لأن بعضهم يلقون بالقمامة داخل النيل، بالإضافة إلى الصرف الصحى".
ثم يقول عن الطريقة التي قاوم بها الأهالي قوات الأمن: " الأمر كان منظماً.. لم يحدث نهائياً حصار جزيرة الوراق ولا إيقاف المعديات، ولم يتم هدم منازل مسكونة، وقد فوجئنا بصعود الأهالي إلى أسطح بيوتهم وإلقاء الطوب والحجارة على قوات الأمن بشكل منظم".
الرواية الثانية للأهالي ومن يقفون إلى جانبهم من الشخصيات العامة والشباب المنخرط في العمل السياسي، وهي تقول: "إن أغراض الاستثمار في أرض الجزيرة ربما يكون من بين أهداف الدولة، وأن هذا سيتم على حساب الأهالي، الذي يسكن بعضهم هناك منذ عقود، وورثوا بيوتا أبا عن جد، ولديهم عقود تمليك، وقد فوجئنا بقوات الأمن تقتحم الجزيرة، وتهدم البيوت دون أن تترك أي فرصة لأصحابها أن يبرزوا سندات ملكيتهم".
أما البرلمان، اللاحق التابع الذي يأتي متأخرا أو لا يأتي أبدا، فقد ظهر في المشهد بلسان نائبة الدائرة التي قالت: "سنحاور الأهالي، فمن معه سند ملكية سيظل في مكانه، ومن ليس معه سنقول له: لو سمحت، إخرج، إنها أرض الدولة، وعليك تسليمها".
والسؤال: يخرج إلى أين؟ ...
إذا أرادت الدولة أن تخرج الناس لأنها يقطنون "حيا عشوائيا لا تتوفر فيه وسائل العيش الكريم" كما يقول اللواء علاء الهراس، فعليها أن توفر البديل، وعليها أن تقنعهم به أولا، وأن تراعي في كل هذا مصالحهم: أكل عيشهم، وعلاقاتهم الاجتماعية، والخدمات التي يحصلون عليها، وحياتهم المستقبلية .. الخ.
من دون هذا تكون الدولة راغبة في التحول إلى سلطة أمر واقع، وإدارة تتلذذ بالبطش والتنكيل بالناس، مع أن الناس هم الأساس، لأنهم أصحاب المال والسيادة والشرعية في هذا البلد.
وإذا أرادت الدولة أن تعالج هذا الملف علاجا شاملا، فعليها أن تحاسب كل الذين تسببوا في نمو الكيانات العشوائية في مدننا وجزرنا وصحارينا وأرضنا الخصبة في الوادي والدلتا. إنهم كهنة المحليات الذين تراكمت في جيوبهم أموال طائلة، وإنهم رجال الحكم الذين تركوا الناس يبنون كما يريدون، بلا تخطيط، لأن الدولة كانت عاجزة عن توفير السكن للطبقات الفقيرة، وقد لا يكون مطلوب من الدولة أن تبني كل البيوت والمنازل، لكن مطلوبا منها، على الأقل، أن تخطط لمن يبني، بما يقي المدن من هذه الكيانات المعمارية الشائهة.
لعل ما فعله أهل جزيرة الوراق يعطي السلطة فرصة كي تفكر في الآتي بخصوص ملف استرداد أراضي الدولة، بحيث تتوقف وتتبين كل حالة على حدة، ولا تتجاوز مصلحة الناس، ولا القانون، وأن تفكر بذكاء شديد، فالعمارات التي قامت على أرض زراعية لن يؤدي هدمها إلى عودة هذه الأرض صالحة للزراعة، والبنايات الشاهقة التي يتم هدمها يمكن استغلالها لصالح الدولة، والأرض التي تم استصلاحها في الصحراء وزرعت ونبت فيها زرع من شجر ونخيل ومحاصيل لا يتم إهلاك زرعها، وهكذا.
لقد سألت نفسي ذات يوم سؤال وأنا أرى عمارة شاهقة على النيل في مدينة بنها تتهاوى صريعة في لحظة: ماذا لو استردتها الدولة وقرر الرئيس توزيع شققها على أوائل الكليات بمحافظة القليوبية، أو النابغين في مجالات مختلفة هناك؟ ألم يكن هذا أفيد من هدمها، رغم الكلفة الكبيرة لها، وترك أرضها بورا، لأنها صلاحيتها للزراعة قد انقضت؟
مجرد سؤال، هو واحد من أسئلة عديدة تفرضها متابعة ما تسمى حملة استرداد أراضي الدولة.
إعلان